07/09/2021 - 19:42

حوار مع قاسم حَوَل عن مشاكل السينما الفلسطينيّة | أرشيف

حوار مع قاسم حَوَل عن مشاكل السينما الفلسطينيّة | أرشيف

المخرج العراقيّ قاسم حَوَل

 

العنوان الأصليّ: المخرج السينمائيّ الفلسطينيّ قاسم حَوَل.

المصدر:  «مجلّة البيان».

الكاتب(ة): أمجد ناصر.

زمن النشر: حزيران (يونيو) 1980.

***

 

المخرج السينمائيّ الفلسطينيّ قاسم حول.
حاوره: أمجد ناصر.

 

جاء قاسم حول إلى الثورة الفلسطينيّة منذ انطلاقتها المسلّحة وتابعها بالكاميرا، محقّقًا أشرطة وثائقيّة، تحكي وتسجّل نضالات الثورة؛ انتصاراتها ونكساتها، شروط استمرارها وثغراتها، حتّى أصبح اسم قاسم حَوَل، ملازمًا لأيّ حديث عن السينما الفلسطينيّة. وقاسم حول كما هو معروف فنّان عراقيّ، عمل في المسرح والتمثيل والتأليف، يشغل مسؤوليّة قسم السينما في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، وهو يستعدّ الآن لإخراج فيلم روائيّ طويل عن رواية للكاتب الفلسطينيّ رشاد أبو شاور.

في هذا اللقاء، يحدّثنا حَوَل عن فيلمه الجديد، وعن فهمه لوحدة السينما الفلسطينيّة في إطار إنتاجيّ موحّد.

 

قدّمتَ «لبنان تلّ الزعتر» و«حياة جديدة». بعد فيلمك الروائيّ «بيوت في ذلك الزقاق» ماذا قدّمت من أعمال على صعيد السينما الفلسطينيّة والعربيّة؟

أوّلًا من الضروريّ الإشارة إلى تجربتي في فيلم «بيوت في ذلك الزقاق»، الّذي أخرجته في العراق، فهذا الفيلم، وبعد أن أتممته، طُلِبَ منّي إجراء تعديلات ذات دلالات سياسيّة، فرفضت وغادرت الوطن، وقامت مؤسّسة السينما العراقيّة بتكليف محمّد كردي ليقوم بحذف وإضافة مشاهد إلى الفيلم، وهذه المشاهد لا تمثّلني فكريًّا وفنّيًا.

وقد أشارت مجلّة «آفاق عربيّة» العراقيّة في مقالة طويلة عن الفيلم إلى المشاهد المحذوفة والمضافة، كذلك مجلّة «المسيرة» في عددها الأخير وبقلم ناقد عراقيّ أشارت هي الأخرى إلى هذا التعديل.

وهذه المسألة ذات دلالة خطيرة في السينما، أن يتمّ التدخّل في العمل الإبداعيّ، وأقول إنّ أيّة جهة، أفرادًا أو شركات أو مؤسّسات رسميّة أو دول لا يحقّ لها التدخّل في العمل الإبداعيّ، فإمّا أن يُقْبَل العمل كاملًا أو يُرفَض كاملًا، في حال وجود خلاف في وجهات النظر السياسيّة.

أنا مخرج أنظر إلى الواقع نظرة مادّيّة وأفسّر الواقع من منظور طبقيّ واضح لا يقبل الغشّ ولا التضليل. قدّمت جهودي ولا زلت منذ عام 1970 إلى المقاومة الفلسطينيّة، وسامهتُ في السينما الفلسطينيّة مساهمات واضحة، وأنشأت قسمًا مهمًّا للسينما في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين… أصوّر الأفلام وأنفّذها إخراجًا وأقوم بعرضها بنفسي في القواعد والمخيّمات، وأقوم بتدريب المهتمّين في شؤون السينما، وكلّ هذا يسرّني كثيرًا ويغمرني بالسعادة.

 

قاسم حول، مهرجان لايبزغ، (1974)

 

بعد مغادرتي العراق في نهاية 1977، نفّذت فيلمين قصيرين، الأوّل «لبنان تلّ الزعتر» والثاني «حياة جديدة» عن جمهوريّة اليمن الديمقراطيّة الشعبيّة، والفيلمان من إنتاج قسم السينما في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، وسعيتُ حتّى هذا العام لتطوير إماكانيّات القسم عندنا على المستويين التقنيّ والبشريّ، ونحن بصدد إحداث قفزة نوعيّة في مجال الفيلم الوثائقيّ، والتوجيه في ذات الوقت نحو الفيلم الروائيّ لأهمّيّته كنمط متفوّق في استخدام لغة السينما وفي التأثير على الجمهور المتلقّي.

عندنا برنامج لعدد من الأفلام الوثائقيّة ذات موضوعات هامّة، وخرجنا من فيلم الحدث الّذي انغمرت فيه السينما الفلسطينيّة إلى موضوعات ذات طبيعة سياسيّة واجتماعيّة وتراثيّة عن الشعب الفلسطينيّ والثورة الفلسطينيّة.

وبالنسبة لي، فأنا بصدد إنتاج فيلمين، الأوّل وثائقيّ طويل بعنوان «وجوه فلسطينيّة»، وهو محاولة لتحليل الواقع الفلسطينيّ طبقيًّا في علاقته بالثورة وبالقضيّة الفلسطينيّة.

ينتهي الخروج من الفيلم العاطفيّ، الخروج من فيلم العدوان والتصدّي، إلى نظرة عقلانيّة حتّى لطبيعة الصمود والتصدّي. لقد قطعنا مرحلة كافية لتحريك عواطف جماهيرنا وتعريف الآخرين بصورة بانوراميّة عن واقعنا، ولقد حان الوقت لإحداث تحوّل في طبيعة الفيلم الفلسطينيّ، ومن هذه النظرة نتوجّه إلى الأفلام الوثائقيّة في برنامجنا الجديد.
 

عرفنا أنّك تستعد لإخراج فيلم روائيّ طويل عن رواية الكاتب الفلسطينيّ رشاد أبو شاور. لماذا اخترت هذه الرواية بالذات؟

«العشّاق» رواية لرشاد أبو شاور، الكاتب الفلسطينيّ المعروف، تتناول موضوع هزيمة حزيران، وهو موضوع خطير، سيّما في ربط موضوع الهزيمة بالقمع، وهذه المسألة لا تزال في تصوّري قاتمة وبشكل أكثر تركيزًا، وستبقى، ولا بدّ من عرضها وتحليلها، ذلك في تكثيف فكرة “أنّ الأنظمة التي تقمع جماهيرها لا يمكن أن تحقّق لها الانتصار”، هذه الفكرة الأساسيّة للفيلم، تقدّم ضمن حكاية العشّاق خلال احتلال العدوّ الصهيونيّ لمدينة أريحا وضمنها مخيّم عقبة جبر ومخيّم عين السلطان ومخيّم النويعمة.

لقد أنجزت كتابة السيناريو ووزّعته على مجموعة من المهتمّين بشؤون السينما، وعلى مجموعة من السياسيّن والعسكريّين لأخذ ملاحظاتهم، بغية الاستفادة منها خلال إنجاز عمليّة «الريكوباج». هذا الفيلم يحتاج إلى جهود غير عاديّة وأناة ودقّة في تنفيذه لأسباب فكريّة وفنّية إبداعيّة، ولأسباب تاريخيّة، أعني فيما يتعلّق بتاريخ ومسيرة السينما الفلسطينيّة ونقطة تحوّلها باتّجاه الأفلام الروائيّة، فنحن عندما نرفض الصيغ التقليديّة في معالجة الموضوعات سينمائيًّا، وعندما نرفض أسلوب التنفيذ والتعامل مع الواقع ومكوّناته، ينبغي أن نحقّق البديل.

أعرف تمامًا أنّنا محاصرون، وأدرك حجم الحصار الثقافيّ، فهذه الأداة الخطيرة هي حتّى الآن ملك الجهات المنتجة والّتي لا نلتقي معها أيدلوجيًّا، وقدرتنا هي في مجابهة هذا الحصار في إيجاد سبل إنتاج، والثورة الفلسطينيّة هي الّتي ستتكفّل بهذا الإنتاج لأنّه فيلمها، مثلما ستكون لها أفلامها الروائيّة ومثلما أنتجت عددًا كبيرًا من الأفلام الوثائقيّة.
 

أُثيرَت قبل فترة وجيزة، إشكاليّة السينما الفلسطينيّة: وحدتها وتشرذمها، وذلك في نطاق لقاءات مع عدد من العاملين في هذا الحقل، في رأيك ما هي المعوّقات الحقيقيّة التي جعلت هذا الموضوع في الحيّز النظريّ، دون الوصول إلى صيغة عمليّة لتحقيق ذلك؟

تجربتنا مع توحيد العمل السينمائيّ الفلسطينيّ بدأت قبل حوالي ستّ سنوات، عندما أسّسنا جماعة السينما الفلسطينيّة، وكنت أنا الّذي صغت البيان السينمائيّ في مركز الأبحاث الفلسطينيّ، ولكن بعد فترة، تلاشت التجربة بسبب عوامل ذاتيّة وأخرى موضوعيّة، ثمّ حاولنا بعدها إحداث لجنة تنسيق على ضوء التجربة الأولى فأخفقت كذلك.

 

لقطة من فيلم «عائد إلى حيفا» (1984)

 

وبقيت موضوعة وحدة السينما الفلسطينيّة معلّقة. إنّ جملة من الأمور أخذت تفرض نفسها في التقارب والتنسيق، فالموضوعات الّتي تتناولها وحدات السينما في المقاومة الفلسطينيّة متشابهة، وتبدو في هذه الجهود غير منظّمة.

المشاركة في المهرجانات السينمايّة صارت تبرز فيها مشاكل الوثائق الّتي تظهر في الأفلام السينمائيّة الفلسطينيّة مكرّرة، وغيرها من الأمور الّتي باتت بحاجة إلى بحث جدّي، سيّما وأنّ قيادة المقاومة الفلسطينيّة وكوادرها الإعلاميّة المسؤولة مباشرة عن وحدات السينما الفلسطينيّة، فتوصّلنا مجتمعين، وبمبادرة من منظّمة التحرير، دائرة الإعلام والثقافة إلى إنشاء مؤسّسة مركزيّة للسينما الفلسطينيّة، تابعة لمنظّمة التحرير، وتضمّ كلّ الكفاءات المبدعة والأمينة والمؤهّلة للعمل السينمائيّ الملتزم والهادف.

وتشكّلت لجنة للتنسيق ضمّت ممثّلين عن وحدات السينما الفلسطينيّة في حركة المقاومة، وقد توصّلنا حتّى الآن إلى نتائج إيجابيّة ممتازة، لا تزال اللجان تقوم بعملها، وستعلن النتائج العمليّة في مؤتمر صحفيّ يُعْقَد في تشرين الثاني من هذا العام في مهرجان قرطاج السينمائيّ في تونس.

 

 


عَمار: رحلة تُقدّمها فُسُحَة - ثقافيّة فلسطينيّة لقرّائها، للوقوف على الحياة الثقافيّة والإبداعيّة والاجتماعيّة الّتي شهدتها فلسطين في تاريخها المعاصر، من خلال الصحف والمجلّات والنشرات المتوفّرة في مختلف الأرشيفات.

 

 

التعليقات